سلسلة العدالة : 1 - اعدلوا هو أقرب للتقوى
اعدلوا هو أقرب للتقوى
[ يا أيها الذين ءامنوا ، كونوا قوامين لله ، شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم ، على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون ] المائدة / 8 .
1- كونوا قوامين :
* قوامين : على وزن فعّالين صيغة مبالغة من فاعل ( قام قائم ) ، والقوام : أشد اتصافا من القائم بصفة القيام
* والقائم قد يكون متراخياً والقائم قد يكون متهاوناً والقائم قد يكون متململاُ
ولكن ( القوام ) معناه هو من يكون : في أعلى درجات النشاط ، وأعلى درجات اليقظة ، وأعلى درجات الجاهزية : [ يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله ] المائدة / 8 .
يعنى : ابذلوا كل طاقاتكم ، كل نشاطكم ، كل عضلاتكم ، كل علمكم ، كل جاهكم ، كل مالكم ، كل طلاقة لسانكم ، كل قدراتكم ، كل ذكائكم ، كل مكانتكم ، كل أحوالكم ، كل مواهبكم ، هذا كله يوظف لله تعالى بالفرار إلى الله
* فأعلى درجات الاهتمام أن تقف ، وأن تكون مستعداً لبذل الغالي والرخيص
وأن تقدم النفس والنفيس ، وأن تكون جاهزاً في أعلى درجات النشاط ، وهذا معنى قوله تعالى : [ ولكن كونوا ربانين ] آل عمران / 79 .
ولكن متى نفعل كل ذلك ؟
2- شهداء بالقسط :
* نعم نفعل كل ذلك شهداء بالقسط ، وتأمل معي هذا المشهد النبوي ، فقد أراد أحب رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع عند النبي في امرأة سرقت فغضب النبى صلى الله عليه وسلم أشد الغضب وقال : " إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "
هذا هو الاسلام :
* حين جاء ملك الغساسنة فرحب به عمر ، وهو يطوف بالبيت داس أحد الأعراب على طرف ردائه ، فقامت الدنيا ، ولم يحتمل الملك فالتفت نحو الأعرابي ، وضربه ضربة هشمت أنفه .
فاشتكي الأعرابي إلى عمر ، فاستدعى عمر ملك الغساسنة باسمه ( جبلة بن الأيهم ) وكانت وقائع التحقيق كالتالي :
عمر : أصحيح ما ادعى هذا الرجل الجريح
جبلة : لست ممن ينكر شيئاً
أنا أدبت الفتى
أدركت حقى بيدي
عمر : أرضي الفتى
لابد من إرضائه
فما زال ظفرك عالقاً بدمائه
جبلة : وان لم أفعل ؟
عمر : يهشمن الآن أنفك
وتنال ما فعلت كفك
جبلة : كيف يا أمير المؤمنين ( ما هذا الكلام )
هو سوقة
وأنا عرش وتاج
كيف ترضي أن يخر النجم أرضًا ؟!
عمر : نزوات الجاهلية
ورياح العنجهية
قد دفناها
وأقمنا فوقها صرحاً جديداً
وتساوي الناس أحراراً لدينا وعبيدًا
جبلة : كان وهمًا ما جرى في خلدى
أنني عندك أقوى وأعز
أنا مرتد إذا أكرهتنى
عمر : عنق المرتد بالسيف تحز
[ يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ] المائدة / 8 .
ولذلك قيل :{ عدل ساعة أفضل عند الله من أن تعبد الله ثمانين عاماً }
3- ولا يجرمنكم :
معناها لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا والمخاطب هو الله ، والمخاطب المؤمنون ، أما المبغضون هم الكفار والمنافقون والملاحدة والخصوم والمهاجرون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ